الموقع التخصصي للمسجد، يتضح من خلال المواقف العربية الضعيفة والخجولة التي صدرت بعد إعلان الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ان الحكومات العربية لم تكن تعطي إهتماماً حقيقياً لتصريحات ترامب خلال حملاته الدعائية في إنتخابات الرئاسة الأمريكية العام الماضي.
بعض هذه الحكومات كانت تعتبر تصريحات ترامب ووعوده الإنتخابية حول نقل السفارة إلى القدس بأنها ليست سوى مجرد دعاية إنتخابية وتأتي في إطار إسترضاء اللوبي الصهيوني في أمريكا واليمين المتطرف في إسرائيل.
لكن ما يثير الإستغراب هو مواقف الحكومات العربية التي تبين لاحقاً انها كانت على علم كامل بموقف ترامب وعزمه على تنفيذ قرار النقل وبالتالي فإن هذه الحكومة لم تكن تعد العدة لمواجهة هذا القرار الأمريكي بل كانت تعد لمواجهة أي ردود أفعال شعبية وجماهيرية متوقعة إزاء هذا القرار.
بل الأسوء من كل ذلك ما كشفت عنه أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية من معلومات أماطت اللثام عن دور عربي تآمري مخزي بهذا الخصوص.
حيث كشف وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن إعلان ترامب جاء بالتنسيق الكامل مع بعض الزعماء العرب وإنه دعاهم إلى المساهمة في احتواء الغضب الفلسطيني المحتمل ومنعهم من اتخاذ أي خطوات أو ردود أفعال على هذا القرار.
كما إن المواقف الهزيلة للحكام العربية اسهمت في تمادي ترامب أكثر في هذا المجال حيث أعلنت مصادر إسرائيلية عن لسان مسؤول أمريكي كبير قوله إن الحكومة الأمريكية شعرت بالإرتياح الشديد مما وصفه بالتنديد المنضبط الذي صدر عن الدول العربية (المعتدلة) بشان قرار ترامب.
وما أثار الإستغراب أكثر ان عدداً من الإعلاميين العرب ومن دول مجلس التعاون بشكل خاص بدأو - منذ إعلان ترامب - حملة مسعورة ضد الفلسطينيين مشككين بأحقية القضية الفلسطينية وبأحقية الفلسطينيين في أرضهم وإنه لا يوجد أي أدلة تشير إلى إنتماء الفلسطينيين تاريخياً إلى فلسطين والشام، بل ونشرت بعض القنوات العربية دراسة شككت في عروبة الكثير من الدول العربية واعتبرت ان أصولهم في الغالب تعود إلى اليهودية.
وقد أثار أداء الإعلاميين العرب إعجاب حتى الإسرائيليين أنفسهم الذين بدأوا يمتدحون المثقفين والإعلاميين السعوديين - بشكل خاص – على انفتاحهم تجاه العالم الحر الذي تمثل إسرائيل – على حد اعتقادهم – جزءاً منه.
وقد شحذ الحكام العرب الهمم لإفشال كل جهد ممكن لتوحيد المواقف والتصدي لقرار الرئيس ترامب لذلك فقد قاطع الكثير من هؤلاء الحكام القمة الإسلامية الإستثنائية (رغم هزالتها) التي عقدت في إسطنبول بهذا الشأن حيث حضرت القمة 16 دولة من أصل 57 دولة عربية وإسلامية ولم يشارك فيها رؤساء وملوك عرب طالما تغنوا بالقضية الفلسطينية مثل السعودية والإمارات ومصر.
إن دور حكام العرب المشبوه والضعيف هو الذي سيشجع ترامب في التمادي بمخططاته لإفراغ القضية الفلسطينية من محتواها وإلغاء رمز هذه القضية وهي القدس الشريف لصالح الكيان الصهيوني.