الموقع التخصصي للمسجد، «وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا»
حسب وكالة الأناضول كانت تلك الآية القرآنية هي من ألهمت المهندس المعماري التركي، أمره أروتال، في ابتكار تصميم فريد لأحد أبرز مساجد مدينة إسطنبول العريقة (شمال غرب)، في القرن الحادي والعشرين.
«سانجاقلر جامع» هو مسجد بعيد عن مشاهد الزخرفة والمعمار المهيب المعهود في مساجد إسطنبول.
فزائر هذا المسجد يشعر وكأنه يدخل إلى كهف تحت الأرض، يحيطه هدوء وسكون المساحات الخضراء.
فقد سعى مصممه إلى إبراز جوهر الإسلام فيه، عبر بساطة وتواضع في اختيار مكوناته، وبعيداً عن ضبابية وتعقيدات الإنشاءات الحديثة.
إجمالي مساحة المسجد، الذي افتتح مطلع عام 2014، بلغت 7 آلاف و400 متر مربع.
هذه المساحة هي، ألف و200 متر مربع، مكان مغطى حرماً للمسجد، وبقية المساحة مخصصة للفناء والمئذنة وأماكن الوضوء.
أرض المسجد المنحنية توحي للمصلين بالدخول تحت الأرض، إذ تنقسم ساحة المسجد الداخلية إلى مستويات تنتهي بجدار المحراب، الذي صُمم بصورة تسمح بتخلل ضوء الشمس من أعلاه عمودياً، وتجعل المسجد جزءاً من الطبيعة.
تم تجنب استخدام أية دهانات كيميائية، والاكتفاء بالأحجار البازلتية، وأحجار الأردواز السوداء، التي تضفي أجواء روحانية على المسجد.
صممت الجدران الخارجية للمسجد في هيئة توحي وكأنها تضع حداً بين العالم الخارجي المختلط المضطرب وأجواء الخشوع والطمأنينة والهدوء داخل المسجد.
كما أن درجات السلم المتجهة إلى الأسفل توحي للمصلي بأنه ترك الدنيا وراء ظهره، في طريقه للقاء خالقه.
القائمون على تشييد المسجد سعوا أيضاً إلى عدم اقتصاره على العبادة وحسب، وإنما حرصوا على توفير مكتبة تحوي عدداً كبيراً من الكتب، تساهم في زيادة معرفة المصلين.
هذه الخصائص وغيرها الكثير، أهلت المسجد إلى الدخول في منافسة مع عدد كبير من أبرز التحف المعمارية التي شهدها العالم في العقد الأخير.
حصد المسجد جائزة «مشروع المستقبل» في مهرجان العمارة العالمي بمدينة برشلونة، عام 2011، وجائزة المركز الأول ضمن فئة «المنشآت الدينية»، في مهرجان العمارة العالمي بسنغافورة، عام 2013.
وفي عام 2014، نال المسجد جائزة غرفة المهندسين المعماريين الأتراك.
كما اختير ضمن أفضل 40 مبنى في أوروبا، عام 2015، وفي العام نفسه منحه اتحاد العمارة العالمي جائزة أفضل مبنى ديني في العام.
وفاز المسجد، مؤخراً، بجائزة التميز الدولية من المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين (RIBA)، واختير أحد أفضل 20 مبنى في العام.
إمام المسجد وخطيبه، علي ألماجي، قال للأناضول، إن «مصمم المسجد أراد إنجاز عمل متواضع، حتى لا يتم عقد مقارنات بينه وبين المعماريين الأتراك الكبار، وأعمالهم المنتشرة في إسطنبول حتى اليوم».
وأضاف: «يبرز المسجد أيضاً الأهمية التي يوليها الإسلام للبيئة، حيث تم الحرص، خلال عمليات البناء، على عدم تعريض البيئة إلى أية أضرار».
وأوضح أن «هدف المسجد يتجلى مع أول خطوة يخطوها المصلي داخله، حيث البساطة والهدوء والخشوع، مع رؤية كلمات الجزء الأخير من الآية القرآنية: وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا (الأية 41 من سورة آل عمران)، المخطوطة على جدرانه».
وعن إقبال المصلين على المسجد، قال ألماجي إن «أعداداً كبيرة من الزائرين تتردد على المسجد بشكل منتظم، وهم من داخل البلاد وخارجها، لاسيما من ألمانيا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا».