الموقع التخصصي للمسجد، وخلال اللقاء اعتبر الإمام الخامنئي أنّ جهود وفعاليات عشرات آلاف النّخب في أنحاء إيران ترسم صورة باعثة على الأمل وتقدّم صورة حقيقيّة للبلاد وتطرّق سماحته إلى الحديث حول دور وقدرة النخب الشابة على التأثير في التخطيط والبرمجة الصحيحة للمستقبل، وفي تقدم إيران العلمي والسير بحدود المعرفة البشرية نحو الأمام وأردف سماحته قائلاً: تقديم صورة خاطئة وسلبية ومُحبطة حول ظروف إيران يشكّل أهمّ الممارسات ضمن لائحة أعمال العدوّ الحاليّة لكن بفضل من الله فإنّ صورة البلاد الحقيقيّة هي بشكل عام في النقطة المقابلة للصورة التي يقدّمها نظام التسلط.
كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى تأثير النخب في "تقدّم البلاد العلمي" وتابع سماحته قائلاً: إنّ الاستفادة الصحيحة والمناسبة من علم وقدرات النّخب يؤول إلى تقدّم البلاد العلمي وبالتالي بلوغ نقطة العزّة والاقتدار والحدّ من إمكانيّة تلقّي الصدمات؟
وشدّد الإمام الخامنئي: إذا ما تقدّمنا من النّاحية العلميّة فإنّ تهديد أعدائنا الحضاريين والسياسيين والاقتصاديين لن يكون مستمرّاً وسوف يتقلّص.
ورأى سماحته أنّ واحدة من مجالات تأثير نخب البلاد تتلخّص في "لعب دور في كسر حدود العلم العالميّة" وأردف قائد الثورة الإسلامية قائلاً: خلال القرون الأخيرة كان نصيبنا في السّير بحدود العلم نحو الأمام محدوداً وينبغي أن نوسّع حدود الاكتشاف والعلم العالمي عبر الاستفادة من الطاقات والمؤهّلات العالية لنخب بلادنا الشابّة.
وقال الإمام الخامنئي: ينبغي على الشباب وبمطالعتهم للتاريخ أن يطّلعوا على مرحلة ٢٠٠ عام قبل انتصار الثورة الإسلامية المريرة التي أدّت إلى تخلّف البلاد نتيجة إهمال ذوي المؤهلات والنّخب وأن يدركوا قيمة المرحلة الراهنة.
وأكّد قائد الثورة الإسلامية على أنّ إيران كانت في المرحلتين القاجاريّة والبهلويّة واحدةً من أشدّ البلدان تخلّفاً من حيث العلم المعاصر وتابع سماحته قائلاً: في الوقت الذي تحتلّ فيه بلادنا حوالي 1% من نسبة السّّكان عالميّاً وينبغي أن يكون نصيبنا من الجهود البشريّة ما نسبته 1% كأقلّ تقدير؛ كانت إيران تساهم بما نسبته 0.1 % من الإنتاج العالمي في أواخر مرحلة الحكم البهلوي . لدينا إنتاج علمي اليوم بنسبة تفوق نصيبنا؛ حوالي ال1.9%. هذا جيّد لكنّنا غير راضين ويجب أن تزيد هذه النسبة.
وأشار الإمام الخامنئي إلى نموذجٍ آخر من إهمال العلم والمعرفة في مرحلة الحكم البهلوي قائلاً: منذ تأسيس جامعة طهران كأول جامعة في البلاد عام 1934 وحتى العالم 1979 حيث تفصل العامين 44 سنة، كان عدد الجامعيّين في أنحاء البلاد 150 ألفاً لكن اليوم ومع مرور 40 عاماً على انتصار الثورة الإسلاميّة فإنّ عدد الطّلاب الجامعيين في البلاد يتعدّى ال4 ملايين.
ولفت قائد الثورة الإسلاميّة إلى أنّ هذا النوع من المقارنات يكشف عن الفرق بين الحكومتين والنظامين بصورة جليّة وتابع سماحته قائلاً: السبب الرئيسي لتخلّف البلاد على المستوى العلمي والأخلاقي والسياسي في تلك المرحلة المظلمة كان وجود حكّام يفتقدون للجدارة، ومنغمسين في الدّنيا، وتابعين وصاغرين يتجبّرون أمام الشّعب ولم يكونوا يعتنون لمصالحه لكنّهم كانوا ينحنون أمام العدوّ.
كما وصف الإمام الخامنئي المصادر الإنسانية الجيّدة والنخب المتحرّكة والمتقدّمة بالكنز والثروة عظيمة وشدّد سماحته قائلاً: هذه الثروة كأيّ كنزٍ آخر معرّضة لمطامع ونهب نظام التسلط كي تنتفع منها وتوجد حالة من الاحتكار للعلم والتكنولوجيا أي الذخائر المولّدة للثروات والقوّة.
ورأى قائد الثورة الإسلامية أن "الإقصاء الجسدي للنخب" يُعدّ أحد أساليب نظام التسلط من أجل سلب الشعوب هذا الكنز وأشار سماحته إلى اغتيال علماء البلاد النوويين قائلاً: إضافة للإقصاء الجسدي، فإنّ "الإزالة الثقافية أو إشغال النّخب بقضايا أخرى" تعتبر من أساليب نظام التسلط الأخرى من أجل الحصول على ثروة البلاد العظيمة هذه، ولذلك ينبغي على المسؤولين والنّخب التنبّه والحذر.
وقال الإمام الخامنئي أنّ سبيل مواجهة خدع نظام التسلط للنّخب في البلاد هو "تدعيم الهويّة الوطنيّة وتفعيل السعي خلف المبادئ بين النّخب" وتابع سماحته قائلاً: ينبغي على شبابّنا النخبوي أن يفتخر بكونه إيرانيّاً ومسلماً، وبهويّته الوطنيّة، ومبادئه وتاريخه المشرّف للغاية.
وتحدّث الإمام الخامنئي حول وجود حرب مفروضة اقتصادية، وسياسيّة، وأمنيّة ضدّ إيران العزيزة وأردف سماحته قائلاً: لا يمكن للشاب النخبوي أن يتجاهل هذه الحرب.
وشبّه قائد الثورة الإسلامية الحرب الدعائيّة والإعلاميّة بالغة الشدّة بالحرب المفروضة من قبل النظام البعثي ثمّ قال سماحته: إمكانيّاتنا الدعائيّة محدودة كما كان الحال في بدايات مرحلة الدفاع المقدّس لكنّنا وكما انتصرنا في تلك المواجهة فإنّنا سوف ننتصر في هذه المواجهة أيضاً بلا شكّ وترديد.
واعتبر الإمام الخامنئي أنّ "تقديم صورة خاطئة" أهمّ عمل يقوم به العدو اليوم من أجل خداع الرأي العام العالمي والإيراني ولفت سماحته قائلاً: ينبغي على شابّنا النّخبوي أن يؤدّي تكليفه في هذه المواجهة الصّعبة من أجل انتصار ورفعة إيران.
ولخّص قائد الثورة الإسلامية كلمته بتوصية قدّمها للنخب حيث قال سماحته: أوصيكم "ببذل المساعي العلمية تحت راية مناشدة العدل، ونبذ الاحتكار، ومجابهة الظلم ومتابعة قضايا الناس ومشاكلهم والاهتمام بها".
وأكّد الإمام الخامنئي على "ضرورة التواصل العلمي مع الدّول الواقعة في مسار التطوّر الاندفاعي" وأردف سماحته قائلاً: تقع هذه الدّول عادة في آسيا ولذلك ينبغي أن نوجّه أنظارنا نحو الشّرق لا الغرب، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ التطلّع إلى الغرب وأوروبا لا يعود علينا سوى بالتأخّر، والاستحقار وتحمّل التمنين.
وفي ختام كلمته أشار قائد الثورة الإسلامية مرّة أخرى إلى مساعي العدو الهائلة من أجل تقديم صورة خاطئة حول أوضاع إيران وتابع سماحته قائلاً: هناك تقلّبات في العملة الأجنبية وفي المشاكل المعيشية، بيد أن الصورة الحقيقية للبلد، رغم أنف الأعداء، هي عكس الصورة التي يرسمها الأجانب الطالبون للتسلط على إيران العزيزة.